فلسطين أون لاين

تقرير "مسلسل النُّزوح" يستنزف جيوب الغزيين الخاوية

...
"مسلسل النُّزوح" يستنزف جيوب الغزيين الخاوية
غزة/ فاطمة حمدان:

على الرغم من ورود إشارة "تشريد" جديدة لمنطقة سكناه في حي التفاح شرق غزة تحت النار، دفعت التكلفة المالية العالية للنزوح القسري المواطن محمد الشرافي إلى مخاطرة المبيت في المكان لليلة واحدة، حتى يرى إلى أين تتجه الأمور.

وترتفع تكلفة النقل مع استمرار الحصار المشدد الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة، بما يلقي بثقله على المواصلات وغيرها.

ومع حلول ساعات الظلام تكثف القصف المدفعي الإسرائيلي وتحليق طائرات الكواد كابتر التي تستهدف كل شيء متحرك أو مصدر إنارة في المكان، ما أدخل الرعب الى قلوب أبناء الشرافي وجعله ينتظر شروق الشمس حتى ينزح قسرا من المنطقة.

يقول لصحيفة "فلسطين": "لم نكد نتنفس الصعداء ونعود من جنوب القطاع حيث نزحنا من بداية الحرب وصرفنا آلاف الدولارات كتكلفة معيشة في ظل الغلاء الفاحش، لم نصدق أن بيتنا ما زال واقفا، قمنا بتصليحات تمكننا من الحصول على المياه ومصدر للطاقة كي نتمكن من العيش في منطقتنا التي تعتبر بعيدة عن مركز المدينة".

لكنه يضيف: "عندما جاء أمر الإخلاء فكرت كثيرا في التكلفة المالية الجديدة التي سأتكبدها كون أن الاحتلال أعلن أنه سيتوغل بريا في منطقتنا وهذا يجعل الخشية كبيرة من أن يستهدف المنزل، فلم يكن أمامي سوى نقل ولو جزء من ممتلكاتنا كي نستطيع العيش في مكان آخر".

وكان الشرافي نزح قسرا من غزة إلى مدينة دير البلح حيث استأجر هناك غرفتين له ولابنائه بالف شيقل، " حصلت على فرصة عمل في دير البلح أثناء نزوحي، وكنت اتجشم عناء المجيء للعمل يوميا عن طريق شارع الرشيد من تعب واجرة مواصلات غالية، فقررت الاستئجار فيها كون اغلب البيوت التي نزحت إليها قبل ذلك تم قصفها".

ويضيف: " في النزوح كل خطوة تكلفك مبالغ باهظة فأجرة النقل من غزة لدير البلح كلفتني 500 شيقل وطبعا لم انقل الا القليل من الأغراض لانه غير مسموح لسيارات النقل بالسير عبر شارع الرشيد فكان الانتقال عبر تكتك".

وفي دير البلح كان لا بد من دفع إيجار ثلاثة أشهر مقدما للمؤجر بقيمة ثلاثة آلاف شيقل، عدا عن الاضطرار لشراء العديد من الأغراض خاصة المتعلقة بالمطبخ والحطب وطبعا الطعام، " لقد أنهك النزوح جيوبنا فكل ما ادخرناه قبل الحرب وما حصلنا عليه من دخل خلاله ذهب هباء منثورا".

ولم يكن الحال أفضل لدى المواطنة منال ابو ناجي التي أجبرت على النزوح عدة مرات في جنوب قطاع غزة، " أنا واولادي المتزوجين 23 فردا نتنقل معا في كل مرة... يعمل ابنائي كعمال بالمياومة ففي كل مرة ننتقل نفقد المكان ومصدر الدخل أيضا حيث يضطرون البحث عن عمل في المكان الجديد ".

ولم تكد تستقر الأمور بمنال في أرضها المجرفة في شمال مخيم النصيرات، " نقلنا اغراضنا بتكلفة باهظة فاقت الثلاث آلاف شيقل في فترة الهدنة، وبدأنا نعيد الحياة لارضنا التي لم نعرف ملامحها بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من المنطقة ولكن استقرارنا لم يكتمل".

وتضيف :" فبمجرد نقض الاحتلال لوقف إطلاق النار وعودته لمحور نتساريم كان علينا الرحيل من المنطقة مجددا خشية استهدافنا، فحزمنا أمتعتنا وانتقلنا لمنطقة غرب النصيرات".

وتشير إلى أن عائلتها في هذه المرة رفضت النزوح لمواصي خانيونس حيث توجد مخيمات النزوح التي تلقى بعض الدعم من المتبرعين، "فقد وضعنا خيامنا في ارض اصدقاء لنا لنبقى قريبين من ارضنا اعتقادا منا بأنه سيتم استئناف وقف إطلاق النار قريبا".

وتتابع :" للاسف قاربنا على الشهر في النزوح، دفعنا الفي شيقل كوننا ثلاث أسر لكي ننقل اغراضنا داخل النصيرات فقط، ونعاني من الغلاء الفاحش وانقطاع السلع وضيق الحال".

"متى ستنتهي الحرب؟"

كذلك كان العجز عن توفير تكلفة النقل والخشية من فقد الأغراض التي جمعها بشق الأنفس وبتكلفة مالية عالية بعد قصف الاحتلال لمنزل عائلته في شرق البريج سببا في تأخير نزوح المواطن زكريا المقادمة من الخيمة التي وضعها على أنقاض منزله.

يقول لصحيفة "فلسطين": "خرجنا من بيتنا في بداية الحرب بالملابس التي نرتديها فقط، وجمعت عددا من الأغراض كالفراش وأواني المطبخ والملابس من خلال أقاربي الذين نزحت لديهم أو من خلال المساعدات التي استلمتها خلال الحرب".

وبمجرد الاعلان عن وقف إطلاق النار "عدت لمنطقة منزلي وبدأت في بناء خيمة وتبليطها للعيش فيها أنا وأسرتي، لكن بمجرد انقضاض الاحتلال الإسرائيلي على التهدئة خلت المنطقة التي تعتبر قريبة من السياج الفاصل شرقا من الناس".

ويضيف :" ترددت كثيرا في فكرة النزوح ظننت أن الأمر سيستغرق يوما أو يومين لكن القصف العشوائي ادخل الخوف في قلوب ابنائي ما اجبرني على انزوح، وهذه المرة حملت أغراضي إلى مواصي خانيونس".

يكمل: " النزوح يرهقنا بتكاليف باهظة فقد دفعت الف شيقل أجرة النقل في ظل شح المواصلات، لقد استدنت قرابة الخمسة آلاف دولار خلال فترة الحرب فقط تكاليف للنزوح والاستقرار مجددا في مكان جديد، فمتى ستنتهي الحرب التي انهكت ارواحنا وجيوبنا؟!".

المصدر / فلسطين أون لاين
OSZAR »