كشف الخبير في شؤون المقاومة الفلسطينية، الدكتور هاني الدالي، عن تطوّر نوعي في الوسائل الاستخباراتية التي يعتمدها جيش الاحتلال داخل قطاع غزة، محذرًا من "جيل جديد" من أدوات التجسس التي تعمل دون تدخّل بشري مباشر، وتعتمد على الذكاء الاصطناعي وتقنيات النانو الدقيقة.
وقال الدالي لـ"فلسطين أون لاين": إن "الاحتلال يستخدم منظومة مراقبة معقّدة تمزج بين الوسائل البشرية والتقنيات الإلكترونية المتقدمة"، موضحًا أن "التقنيات المستخدمة اليوم تجاوزت الأدوات الكلاسيكية، وأصبحت تشمل أجهزة بث حراري، وحساسات ذكية مدمجة في البنية التحتية، بل وحتى داخل البيئة العمرانية".
وأكد أن "جزءًا كبيرًا من هذه المنظومة يعتمد على الذكاء الاصطناعي القادر على التعلّم وتحليل الأنماط والتكيّف مع البيئة الميدانية".
ومؤخرًا، أفاد مصدرٌ أمنيّ في المقاومة الفلسطينية لـ"التلفزيون العربي" بأنه تمّ تفكيك عدد من أجهزة التنصّت والتتبّع البصري التي زرعها الاحتلال في قطاع غزة، من بينها جهازٌ مخفيّ داخل حجرِ بناء يحتوي على ميكروفون وكاميرا.
وأشار المصدر إلى أن أمن المقاومة يعمل على إحباط محاولات العدو لرصد القادة والوصول إليهم، موضحًا أن هذه الأجهزة ترسل المعلومات إلى وحدتي 8200 و9900، حيثُ يجري تحليلها بالتعاون مع جهاز "الشاباك".
وحول ما إذا كانت هذه التقنيات قد زُرِعت خلال الاجتياحات البرّية الأخيرة، أشار الدالي إلى أن "احتمال زرع أجهزة خلال التوغّل الأخير في شمال غزة، بل وحتى في بعض أطراف المناطق الوسطى، هو احتمال واقعي وخطير، ويُجرى التعامل معه بجدية".
وأضاف: "الاحتلال لا يستهدف الأفراد فقط، بل يسعى للسيطرة على البيئة الأمنية العامة، وإعادة صياغة مفهوم الميدان أمنيًا، من خلال الاستفادة من الثغرات الجغرافية واللوجستية".
وأكد الدالي أن إحباط هذه المحاولات يُعدّ "أكثر من مجرّد نجاحٍ تكتيكيّ، بل هو نزعٌ لأدوات السيادة المعرفية التي يعتمد عليها الاحتلال في هندسة قراراته الميدانية".
وتابع: "حين تُكتشف هذه الأجهزة ويتمّ السيطرة عليها، يُحرَم الاحتلال من مصدر معلومات حيوي، وقد يُضلّل أو يُجبَر على تعديل خططه، مما يُربك سلاسل القيادة لديه".
وفي مواجهة هذه التحديات، أوضح أن المقاومة باتت تدير "مواجهة أمنية تقنية من نوع خاص"، تعتمد على ثلاثة مسارات: أولها: رفع الوعي الأمني الميداني لدى الكوادر، وثانيها: استخدام أجهزة كشف وتحليل إشعاعي وإلكتروني، وثالثها: تطوير بيئة تدريبية لمحاكاة هذا النوع من التهديدات.
وقدّم الدالي حزمة من التوصيات الأمنية لتعزيز قدرات المقاومة، مؤكدًا أن "التوصيات تبدأ بالوعي وتنتهي بالتقنية، لكن بينهما التنظيم والانضباط".
ودعا إلى "تحديث بروتوكولات التفتيش الميداني بعد كل انسحاب إسرائيلي، والاستعانة بفرق متخصصة في الحرب الإلكترونية، وبناء شبكة أمن مضاد ترصد الإشارات غير المألوفة، والاستثمار في أدوات تشويش منخفضة التكلفة، وإدماج الذكاء الاصطناعي في تحليل أنماط التسلّل التقني، بحيث تنتقل من مرحلة ردّ الفعل إلى مرحلة التنبّؤ".