فلسطين أون لاين

تقرير عام على مجزرة النُّصيرات... طلقات جنود أمريكان حاضرة في أجساد الشُّهود

...
عام على مجزرة النُّصيرات... طلقات جنود أمريكان حاضرة في أجساد الشُّهود
النصيرات/ محمد عيد:

أتذكر جيدا أجسادهم، بنادقهم، ملامحهم .. ليسوا بجنود إسرائيليين بل قوات أمريكية خاصة"، هكذا يستذكر الجريح أحمد الهور (42 عاما) توقف مركبة خاصة وسط "مخيم 5" أحد أحياء مخيم النصيرات وترجل قوات خاصة منها لتباغت المواطنين بإطلاقهم النار صوبهم جميعا.

يعود الهور بذاكرته إلى الوراء وتحديا قبل عام من الآن، (السبت 8 يونيو 2024)، أثناء تنفيذ قوات إسرائيلية وأمريكية لعملية خاصة في مخيم النصيرات وسط القطاع، ويذكر جيدا ملامح الجنود الأمريكان الذين أطلقوا النار من بنادقهم صوب المواطنين الكبار والصغار.

وقبل أن يصاب بطلق ناري أدى إلى تهتك في أعصاب قدمه اليمني، شاهد الهور مطلق النار صوبه وتحدث لـ"فلسطين": "إنه ضخم جدا، أصلع، ذو ملامح أمريكية وليست إسرائيلية"، ليغمي عليه لاحقا ويبدأ برحلة علاج لا تزال مستمرة حتى اللحظة.

ليس الهور وحده الذي لا يزال يتذكر تلك الملامح الأمريكية التي ساندت قوات إسرائيلية برا وبحر وجوا في عملية تحرير رهائن إسرائيليين من داخل المخيم المكتظ بالمواطنين والنازحين.

"دخلوا عبر شاحنة تجارية محملة بأغراض النازحين .. للوهلة الأولى اعتقدت أنها شاحنة تحمل عائلات نازحة من رفح قبل أن يترجل رجل ضخم ذو ملامح أجنبية ليسأل عن منزل للإيجار" هكذا يستذكر الشاب حسن عليان بداية المجزرة.

ويقول لـ"فلسطين": "لحظات بل ثوان حتى رأيتهم (جنود أمريكان) يقومون بإعدام المواطنين من بنادقهم .. وبدأ الجنود ينزلون من خلفية الشاحنة .. إنها مجزرة لن تنسى من الذاكرة .. إنها جحيم".

لا يزال عليان (30 عاما) يتلقى العلاج إثر طلقات نارية أصابت قدماه وتسببت بتهتك في الجلد والعظام كما لا يزال ينتظر تحويلة طبية للعلاج خارج القطاع.

وتحدث المواطن جمال البيومي (60 عاما) عن تلك المجزرة، واصفا إياها بـ"أهوال يوم القيامة .. لقد حاصروا مخيم النصيرات من جميع الجهات .. لم يتوقف القصف ولا إطلاق النار ثانية واحدة .. (إسرائيل) وأمريكيا هدفها قتل الفلسطينيين وتجويعهم".

يكاد يجزم البيومي الذي بترت إحدى ساقيه خلال قصف طيران الاحتلال شاحنة "القوات الأمريكية"؛ لإخفاء معالم الجريمة، بأنها "أصعب المجازر التي شاهدها طوال حرب الإبادة .. طوال ساعتين لم يتوقف القتل ولا الدمار ولا المجازر".

وبمشاركة مئات الجنود من عدة تشكيلات برية وبحرية وجوية نفذ جيش الاحتلال عملية خاصة على أطراف مخيم النصيرات، أسفرت آنذاك عن استشهاد أزيد عن 300 مواطن أغلبهم أطفال ونساء وجرح أزيد عن 400 آخرين.

وخلال ساعتين من ارتكاب جيش الاحتلال للمجزرة البشعة، قصف طيران الاحتلال نحو 300 هدفا مستهدفاً المناطق المكتظة بالسكان قصف مدفعي وبحري وتوغل للآليات العسكرية على جميع مداخل المخيم.

ووفقا لمسؤول بالإدارة الأمريكية تحدث لموقع "أكسيوس" الأمريكي، فإن "خلية المختطَفين الأمريكية بـ(إسرائيل) ساعدت في تحرير الرهائن الإسرائيليين"، في حين نقلت شبكة "CNN" عن مسؤول أمريكي آخر، قوله إن "خلية أمريكية شاركت في عملية تحرير الرهائن الأربع، إلى جانب القوات الإسرائيلية".

وبالنظر إلى موقع العملية في مخيم النصيرات، والمشاهد التي نشرها جيش الاحتلال، اتضح أن العملية استندت بشكل مباشر إلى القوة الأمريكية الموجودة في "الرصيف العائم" الذي أنشأته الإدارة الأمريكية وبدأت تشغيله في 17 مايو/ أيار 2024 قبالة سواحل غزة قبل أن تقوم بتفكيكه منتصف يوليو/ تموز بعد فشله بتوصيل المساعدات إلى سكان القطاع.

"كذبة المساعدات"

لم يتوقف الدعم الأمريكي العسكري والمالي للكيان الإسرائيلي منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على غزة وصولا لإنشاء مواقع لشركة أمريكية يكتنفها الغموض والشكوك حول توزيع المساعدات الإنسانية على المحاصرين والمجٌوعين قرب مواقع جيش الاحتلال داخل القطاع.

وعلى الفور، رفضت مؤسسات أممية ودولية آلية توزيع المساعدات للشركة الأمريكية التي تقوم بتوزيع المساعدات بطريقة غير مهنية ولا تحترم القيم الإنسانية واصفة الطريقة بـ "آلية موت وتمثل خطرا مباشرا على المدنيين".

وبحسب هاني النقلة (30 عاما) فإنه نجا من طلقات دبابة إسرائيلية أطلقت نيرانها صوب المواطنين الذين يتوافدوا لاستلام المساعدات الإنسانية قرب "محور نيتساريم" وسط القطاع.

وأفاد النقلة في حديثه لـ"فلسطين": بأن القوات الأمريكية المتواجدة داخل نقطة توزيع المساعدات جنوب "محور نتساريم" رشت المجوعين بغاز الفلفل ما أدى للإصابة العشرات منهم بالاختناق.

ووفقا للمكتب الإعلامي الحكومي فإن عدد الشهداء الذين ارتقوا خلال محاولات الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات الأمريكية - الإسرائيلية بلغ 110 شهداء و583 إصابة خلال أيام.

وأكد المكتب الإعلامي أن ما يحدث يشكل "جريمة حرب متواصلة" بحق المدنيين العزل، داعيا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لحماية الفلسطينيين وفتح ممرات آمنة ومستقلة لإيصال المساعدات بعيدًا عن السيطرة العسكرية الإسرائيلية.

وأخيرا، أدانت حركة حماس بأشد العبارات استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو)، الأربعاء الماضي، ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

وقالت حماس، في بيان، إن "الفيتو الأمريكي يجسد انحياز الإدارة الأمريكية الأعمى لحكومة الاحتلال الفاشية، ويدعم جرائمها ضد الإنسانية التي ترتكبها في غزة".

وأكتوبر 2024م، أظهرت دراسة صادرة عن برنامج تكاليف الحرب في جامعة براون الأمريكية أن الولايات المتحدة أنفقت ما لا يقل عن 17.9 مليار دولار على المساعدات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في غزة أكتوبر 2023م.

المصدر / فلسطين أون لاين
OSZAR »