أكد خبيران في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أن استشهاد قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام، وعلى رأسهم رئيس الأركان محمد الضيف ونائبه مروان عيسى، لن يؤثر سلبًا على أداء المقاومة الفلسطينية، بل سيكون حافزًا للمقاومين، ويشد من عزيمتهم في معركة مفتوحة مع العدو ستنتهي بهزيمة كيان الاحتلال.
وقد أعلنت كتائب القسام رسميًا، الخميس الفائت، عن استشهاد رئيس أركانها محمد الضيف ونائبه مروان عيسى، وخمسة من كبار قادتها، أثناء تصدرهم صفوف المقاومة ضد الاحتلال خلال حرب الإبادة على غزة. جميعهم استشهدوا في مواقع قتال منفصلة قبل عدة أشهر، وفي أماكن مختلفة من قطاع غزة.
ثقافة شعب لا تنكسر
يقول الدكتور محمد هزيمة، الخبير اللبناني في الشؤون العسكرية والاستراتيجية: "لا شك أن للقادة دورًا في صناعة نصر أسطوري طبع المرحلة بأسماء عظام، وتركوا بصمة كبيرة في معركة كرّست غزة كمدرسة بطولة، وفي طليعتهم الشهيد القائد محمد الضيف، الاسم الذي أرعب العدو، وتحول إلى أيقونة جهاد، واسم له وقع في سير العمليات، وظل لعقود يُقلق مضاجع الصهاينة".
ويضيف هزيمة لصحيفة "فلسطين أون لاين": "سيترك استشهاد الضيف ورفاقه أثرًا في حياة المقاومة، وسيشكل حافزًا للمجاهدين، ويشد من عزيمتهم في معركة مفتوحة مع العدو، لن تنتهي إلا بهزيمة هذا الكيان وعودة كامل فلسطين من البحر إلى النهر".
ويشير، إلى أن المقاومة تحوّلت إلى ثقافة شعب وإرث متجذر في وجدان أمة مؤمنة بقضيتها وحقها في أرضها، ومتمسكة بثوابتها بقناعة لن تهتز مهما بلغت التضحيات. مؤكدًا أن قوافل الشهداء التي تتوالى على درب المقاومة، تزيد من تمسك الأجيال بالقضية، وتكرّسها عميقًا في المجتمع.
ويتابع: "القادة بشهادتهم يشكّلون رافدًا للمقاومة، التي تزداد قوة مع كل مرحلة، ببركة دماء الشهداء، وخاصة القادة، لأن هذا النهج لم يكن سائدًا من قبل، وبمراجعة تاريخ حركات المقاومة خلال العقدين الماضيين، يتضح أن دماء الشهداء لعبت دورًا محوريًا في مسيرة المقاومة، وكيف شكّل استشهاد القادة نقاط تحول جعلت المقاومة تخرج أكثر قوة، واشتدّ عصبها".
هيكل قيادي متين
من جانبه، يرى الدكتور نضال أبو زيد، الخبير الأردني في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، أن المقاومة لا تتجسد في شخص واحد، بل هي هيكل قيادي قائم على مبدأ أن "طالما هناك محتل، فهناك مقاومة"، الأمر الذي يشير إلى أن استشهاد قيادات بحجم محمد الضيف قد يؤثر معنويًا ومرحليًا، لكنه لن يؤثر استراتيجيًا على أداء المقاومة.
ويضيف أبو زيد: "استهداف سبعة من كبار القادة لم يؤثر سلبًا في الميدان، بل على العكس، شهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحرب تصاعدًا في العمليات العسكرية للمقاومة في غزة، وتطورًا في التكتيكات، مثل استخدام السلاح الأبيض، والقنابل اليدوية، واستهداف آليات جيش الاحتلال، مما يشير إلى أن البنية التنظيمية للمقاومة أعادت إنتاج نفسها، ونجحت في تجاوز مرحلة الفراغ القيادي".
ويؤكد لـ"فلسطين"، قدرة المقاومة الفلسطينية على إنتاج قيادات وازنة، نظرًا لوجود بنية أفقية قوية تمكّنها من تعويض القادة، وضمان استمرارية العمل العسكري المقاوم.
علاقات المقاومة
وعن تأثير استشهاد أبرز القادة السياسيين والعسكريين في حركة حماس على علاقتها بقوى المقاومة الفلسطينية والعربية، يستبعد أبو زيد حدوث تغيير جذري في أداء المقاومة أو في علاقاتها مع الفصائل الأخرى، رغم الدور المهم الذي لعبه القادة الشهداء في بناء تحالفات وثيقة مع قوى المقاومة في المنطقة.
من جانبه، يؤكد هزيمة أن حركة حماس ليست مجرد أفراد، بل هي قضية ونهج، يتجاوز الأسماء، حتى وإن كان للقادة الراحلين تأثيرهم ومكانتهم في المقاومة ومحورها، فإن مشروع المقاومة مسيرة مستمرة لن تتوقف عند استشهادهم، مشيرًا إلى أن أي تباينات قد تحدث ستبقى محدودة، ولن تؤثر في مسار مقاومة أثبتت قدرتها على تجاوز العقبات الكبرى.
ويضيف: "وحدة الساحات انطلقت وأثبتت نجاحها، وتحولت إلى جبهة واسعة، ولن يقف أي عامل في وجهها، بعد أن أصبحت حماس رأس الحربة في مواجهة العدو الإسرائيلي، وأثبتت أنها جزء من معادلة متكاملة مع جبهات الإسناد الأخرى".
ويختم حديثه قائلًا: "المقاومة نهج وثقافة ومدرسة، غاب عنها قادة ارتقوا شهداء، ومع ذلك، واصلت معركة طوفان الأقصى بقوة، وثبّتت القضية الفلسطينية، وصنعت نصرًا من بين الركام".